المبحث الأول
فن الشـــــــعر
الفن الجميل ضرورة إنسانيّة :
- نتحرك في الحياة طلبًا للرزق ، فنخوض أشكالاً من الصراع .
- تمتزج في تجاربنا الحياتيّة اللذة بالألم .
- فتعترينا ألوان من المشاعر كالفرح و الحزن و السعادة و الشوق و الحنين .
- كما نتأمل مظاهر الإبداع في الكون و نتفكر فيما وراء المرئيّ و المحسوس .
- ذلك كله يعد حافزًا للتعبير عن النفس لجعل التجارب الخاصة مجالاً للمشاركة و التواصل مع الآخرين .
- من هنا ظهرت الحاجة إلى الفن الجميل ، بل أصبح الفن ضرورة إنسانيّة .
مكانة الشعر بين الفنون :
- استطاع الإنسان أن يعبّر بالعديد من ألوان الفنون كالموسيقى و الغناء و الرسم و التصوير و النحت .
- و كان التعبير بالكلمة هو أعرق هذه الوسائل ، فظهر فن النثر و فن الشعر .
- إلا أنّ الشعر له خصوصيّة حيث تطويع اللغة و استثمار ألفاظها ، فكان له المكانة العليا بين الفنون .
الشعر : فن الصعوبة و المتعة :
- الشعر بالغ الصعوبة للشاعر المبدع و بالغ المتعة للمتلقي المتذوق .
- فالشعر يعتمد على اللغة التي هي ملك للثقافة و التاريخ و المجتمع ، و على الشاعر استعمالها بفن .
- فالكلمة تعود لأهلها و لكن بذوق عالٍ و فن مبدع ينبهر به المتلقي .
الشعر ملتقى كل الفنون :
- الشعر رسم و تصوير بالكلمة .
- الشعر تشكيل موسيقيّ بالكلمة أيضًا .
أهم مظاهر التشكيل الموسيقيّ في الشعر :
1 ) الموسيقا الظاهرة الشكليّة : بمظهرين : الوزن و القافية .
و من ظائفها :
أ – تحقيق المخالفة للنمط المعتاد من الكلام .
ب – إقناع المتلقي بموهبة الشاعر .
ج – توفير قوالب موسيقيّة متجاوبة مع الحالات الشعوريّة و التجارب الشعريّة .
2 ) الموسيقا الظاهرة التشكيليّة : و تخص طبيعة السمات الصوتيّة للحروف و الكلمات في تتابعها .
و هي خاضعة لعمل الشاعر و موهبته و قدراته .
3 ) الموسيقا الخفيّة :
و تظهر في الفكر و تجاوب المتلقي مع الطباق و المقابلة و التقديم و التأخير و الحذف و الذكر و غيره .
المبحث الثاني
التجربة الشعريّة
مفهوم التجربة في العلم :
- للتجربة مثل أي علم مفهوم محدد يشمل الملاحظة التي تتم بشروط معينة ، هي :
1 ) الفروض : و هي ما يرجحه الباحث لتحقيق أهدافه من التجربة ، فيختبرها .
2 ) التحكم في ظروف التجربة : من خلال التحكم في ظروف البيئة .
3 ) رصد النتائج و تمحيص الفروض : لاكتشاف مدى نجاح الفروض .
ملاحظة العالِم و رؤية الشاعر :
- كلاهما ذو عين راصدة نافذة إلى البواطن .
- الشاعر كالعالم ينتقل من عالم المادة الظاهريّ إلى عالم النفس الإنسانيّة بتناقضاتها .
ظروف التجريب بين العالم و الشاعر :
- الفارق بينهما يكمن في أن مهمة الشاعر أصعب .
- العالم قادر على نقل موضوع تجربته إلى المختبر حيث الأدوات المساعدة للقياس و الرصد .
- أما الشاعر فيلاحظ موضوعه كما هو موجود و ينقل للمتلقي نتائجه بلغة يملكها الجميع .
- تمر التجربة الشعريّة لدى الشاعر بالمراحل التالية :
أ – ملاحظة الظواهر .
ب – تشكيل الرؤية .
ج – توظيف الخبرة اللغويّة في صياغة الرؤية صياغة فنيّة مؤثرة .
مقارنة بين التجربة العلميّة و التجربة الشعريّة
التجربة العلميّة | التجربة الشعريّة |
نتيجة نظرة نافذة تتجاوز ظاهر الأشياء | نتيجة نظرة نافذة تتجاوز ظاهر الأشياء |
موضوعها عالم المادة | موضوعها عالم النفس و السلوك البشريّ |
العالِم قادر على عزل موضــوع التجربة و التحكم في ظروف التجريب | الشاعر يرصد موضوع تجربته و لا يعزلها |
نتائجها موقوتة و محدودة بظروفها و سياقها | نتائجها تتجاوز حدود الزمان و المكان و اللغة |
التجربة الشعريّة بين الذاتيّة و الموضوعيّة :
- في الشعر الذاتيّ يعبر الشاعر عن ذاته أو تجربة عاصرها بنفسه .
- و يتميز الشعر الذاتيّ بترابط أطرافه الثلاثة :
1 ) التجربة الإنسانيّة .
2 ) الرؤية الذاتيّة .
3 ) المتلقي .
- في الشعر الموضوعيّ يدخل طرف رابع و هو أن الشاعر لا يعبر عن ذاته بذاته ، و إنّما يلجأ إلى :
( القالب القصصيّ أو الملحميّ أو المسرحيّ ) لينقل تجربته و يتوارى هو خلف إبداعاته .
المبحث الثالث
التجربة الشعريّة و اللغة
= مقومات التجربة الشعريّة :
1 ) العاطفة :
- هي التي تقدح شرارة الإبداع بما تسستثيره من استجابة و انفعال .
- العمل الشعريّ لا بد أن يصدر عن انفعال و استثارة تحرك وجدان الشاعر .
- العاطفة لا تكفي وحدها للإبداع ، حيث لا بد من قدرة الشاعر على التوصيل للمتلقي بصياغة لغويّة .
- العبرة ليست بقوة انفعال الشاعر ، و لكن بقوة تأثيره في المتلقي .
2 ) الفكرة :
- التجربة الشعريّة الجيدة لا بد لها من فكرة كليّة تنشأ من ملاحظات الشاعر حوله .
- كل فكرة كليّة ينشأ عنها فكر جزئيّة تشكل مفاصل القصيدة .
- الفكرة كالعاطفة لا يمكن وحدها أن تصنع عملاً فنيًّأ إلا أن يصحبها الصياغة اللغويّة .
3 ) اللغة الشعريّة :
- هي السبيل لمعرفة النص الشعريّ ، بفكره و عاطفته و جماليّاته .
- اللغة الشعريّة هي المدخل الأساس للسياحة في عالم النص .
= كيفيّة الاستدلال على عاطفة الشاعر :
- للحكم على عاطفة الشاعر من حيث الضعف أو القوة و على انفعاله بالصدق أو الافتعال ، لا بد من أدلة .
- العاطفة لكي تبدع لا بد لها من عقل يرشد إلى أقرب الطرق إلى المتلقي .
- المشاعر الخاصة للشاعر لا يعلمها إلا الله ، و لكن مقياس الجودة أمامنا يتمثل في حرارة انفعال المتلقي .
- يتم ذلك من خلال التفريق بين الانفعال و الافتعال ، و هذا بتأمل اللغة الشعريّة و تحليلها .
- إذن فاللغة الشعريّة هي المقوم الجوهريّ للحكم على المقومين الآخرين .
= هل يمكن للفكرة وحدها أن تصنع شعرًا جميلاً :
- الفكرة مهمة لتحقيق التواصل مع المتلقي .
- روعة الشعر تتوقف على طريقة صياغة الفكرة ، لهذه الأدلة :
أ – الفكرة يمكن أن تأي لأي إنسان ، و لكن الشاعر هو القادر بموهبته اللغويّة أن يحولها إلى شعر جميل .
ب – الفكرة النافعة قد تصاغ موزونة و لكنها غير مؤثرة ، و قد تكون الملاحظة بسيطة لكنها مؤثرة .
= اللغة الشعريّة مفتاح الأسرار :
- في نقد المقال تكون الأهميّة الأولى للفكرة ، أما الصياغة و التعبير ففي المرتبة الثانية .
- في نقد الشعر تنعكس الأولويّات ، فتكون للصياغة و التعبير المكانة الأولى ، و تأتي الفكرة تالية .
- الشاعر المجيد له ميزتان :
أ – خبرة جيدة في الإنسان و الحياة .
ب – خبرة ممتازة باللغة و إمكاناتها .
المبحث الرابع
الصورة الشعريّة
مفهوم الصورة الشعريّة :
= هي أهم الوسائط التي يوصّل بها الشاعر تجربته إلى المتلقي .
- الصورة هي مُدرَكات حسيّة تنشط خيال المتلقي .
- المدركات تكون بصريّة ثم سمعيّة ثم شم و لمس و ذوق ، تصل إلى خيال المتلقي بالتراكيب اللغويّة .
أنواع الصور الشعريّة :
= أولاً : الصور الجزئيّة :
- لا يُشتَرط أن تكون الصورة مجازًا أو تشبيهًا ، فقد يكون التشكيل اللغويّ مؤثرًا وحده ( مجنون ليلى ) .
- قد تشمل الصورة على تشكيل بصريّ لا ينفذ إلى أعماق النفس ( الربيع ) .
- و قد يتجاوز التشكيل اللغويّ عتبة الحواس إلى عمق الإحساس ( ابتسامة أبي القاسم الشابّي ) .
= ثانيًا : الصورة الكليّة :
- تذوق الشعر لا يكون فقط بمجموعة المجازات و التشبيهات .
- الصورة الكليّة هي توافق و ملاءمة بين هذه المجموعات و مجمل التجربة الشعريّة .
- أي أنّ الصورة الكليّة هي المجرى الواحد على امتداد النص الناتج من مجموع الصور الجزئيّة .
المبحث الخامس
الشعر الموضوعيّ
- رأينا أن فن الشعر ينقسم إلى ( غنائيّ ) و ( موضوعيّ ) .
- كان الغنائيّ ذاتيًّا يخاطب في الشاعر المتلقي مباشرة .
- أما الموضوعيّ فتمثله المسرحيّة و الملحمة .
- في الموضوعيّ لا يخاطب الشاعر المتلقي مباشرة ، بل يلجأ إلى القالب القصصيّ .
- في الموضوعيّ أيضًا يحتفي الشاعر وراء إبداعه ، ليُعبّر بطريق غير مباشرة .
أ ) الشعر المسرحيّ :
- من أقدم الفنون الشعريّة ، حيث عرفه الإغريق قبل الميلاد .
- لم يعرفه العرب إلا في القرن الثامن عشر بعد الاتصال الثقافيّ بالغرب في عصر النهضة الأوربيّة .
- يُعتبر مظهرًا للتجديد في الشعر العربيّ الحديث .
- بدأ تأليف الشعر المسرحيّ بلغة رقيقة على يد شوقي بمسرحيّة ( علي بك الكبير ) و حتى ( الست هدى ) .
- كذلك كان من كتابه : عزيز أباظة ، عبد الرحمن الشرقاويّ ، صلاح عبد الصبور .. و غيرهم .
= عناصر البناء المسرحيّ الشعريّ :
1 0 الحكاية : و هي الأحداث من التمهيد و حتى العقدة إلى الحل .
2 0 الصراع : داخلي بالنفس ، و خارجيّ بين الشخصيّات .
3 0 الشخصيّات : رئيسة و ثانويّة .
4 0 الحوار : قد يقصر أو يطول و يشمل على مقطع غنائيّ .
5 0 البيئة : و هي الزمان و المكان .
ب ) الشعر الملحميّ :
- الملحمة قصة بطوليّة أو خرافيّة أو تاريخيّة تُروى ، و الشاعر هو الراوي .
- الراوي يصف الشخصيّات و حركاتها و يروي عنها .
- و لأن الشاعر هو الراوي فمستواها التعبيريّ يمثل مستواه هو .
- الراوي قد يعلق على الأحداث بفكره و عاطفته .
= نوعا الملحمة :
1 0 طبيعيّة : من طفولة الأمم ، فهي حدث شغل الأمة كلها و أصبح تراثًا قوميًّا .
2 0 صناعيّة : عمل فرد واحد يخلق مادتها و يشكل أحداثها ، و لكي تكتمل لابد من اقتباس صفات الملحمة
الطبيعيّة بخصوص المؤلف و الموضوع و الأشخاص و الأحداث و الأسلوب .
= المعايير النقديّة لعناصر الملحمة :
1 0 المؤلف : يجب أن يكون لسان أمته ، و ذلك بما يلي :
- اختيار موضوع له صلة بالمواطنين .
- ظهوره في عصر الملحمة القديم بكل عاداته .
- لا يعبر عن ذاته ، حتى لا يصبح شعرًا غنائيًّا ذاتيًّا .
2 0 الموضوع : يجب أن يكون قوميًّا ، من حوادث وطنيّة ، متسمًا بالوحدة العضويّة ، قديمًا تاريخيًّا .
3 0 الأشخاص : على طائفتين : طائفة للدفاع ، و أخرى للهجوم .
و كل طائفة على ثلاث طبقات :
* بطل و هو مبعث الانبهار المتميز بالصلابة و الإرادة .. ،
* شخصيّات رئيسة ،
* شخصيّات ثانويّة .
= الملحمة تنقسم إلى فصول ، يأتي الحل فيها سارًّا .
ج ) شعر المطولات :
- هي ملاحم حديثة مستقاة من التاريخ بعاداته و تقاليده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق